عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2009, 11:20 AM   #2
عبير الورد
:+[ VIp ]+:


الصورة الرمزية عبير الورد
عبير الورد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2763
 تاريخ التسجيل :  Jun 2009
 أخر زيارة : 11-11-2010 (02:22 PM)
 المشاركات : 3,155 [ + ]
 التقييم :  1204
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي



مراكز النوم في الدماغ



لقد قامت جماعة من الفيزيولوجين بالتنقيب عن مراكز بعينها داخل الدماغ عملها الرئيسي هو جلب النوم. وقد أنكر بافلوف إنكاراً شديداً ما تمخضت عنه أعمال هذه الجماعة. غير أن اكتشاف الجملة التنبيهية في الدماغ في أواخر الأربعينات، وهي الجملة المارة في وسط الدماغ وخلفه، وقد دل على أن أكثر هذه المراكز النومية قائمة.



وقد أصبحت الآن البؤرة التي يتركز فيها واحد من أبرز ميادين البحث حول النوم. وقد تبين أن في الدماغ عدداً من مراكز النوم المترابطة، التي تنتشر إلى ما وراء الجملة التنبيهية، وأن بعض هذه المراكز له مساس بالتوقيت اليومي وموعد حلول النعاس، وبعضها متعلق بنوم حركة العين السريعة، أي عندما تتسارع حركة حدقة الإنسان تحت جفنيه ويبدأ بالأحلام. كما أن بعض هذه المراكز مرتبط بالنوم، الذي لا تحدث فيه حركة العين السريعة فلا تحدث فيه أحلام. بل إنه توجد في داخل جذع الدماغ منطقتان متحيزتان تؤثران على النوم، إحداهما تحافظ على يقظة العضوية، والثانية تجلب النوم. إن هذه الإكتشافات تدل على مدى تعقد وسائل الإشراف العصبي على النوم. إن معظم الأدلة المستخلصة، حتى الآن، تقول إن مواد النوم لا يقتصر وجودها على مراكز النوم، وإنما هي موزعة على الدماغ كله.



مواد النوم هي معدِّلات للنوم



إستناداً إلى الإكتشافات التي أحرزت حول مواد النوم ربما جاز القول أن مواد النوم ومعظم مراكزه ليست سوى معدِّلات للنوم، أي أنها تعدل وتنظم توقيت النوم وتساعد على تنظيم تركيبه. ومثل ذلك القول على سبيل الإيضاح والمقايسة عند الكلام عن مواد النوم بهذه الصورة، ضرب الأمثلة حول المنبهات وأثرها على عملية الأكل. فالمنفِّرات والمقبِّلات وبعض العقاقير مع انبعاث رائحة الطعام كل هذه تنشّط الحاجة إلى الأكل. ولكنها لا تستطيع أن تفسر علة حاجتنا إليه. وهي، حتى بعد الكظة والامتلاء تستطيع أن تغري الآكل باستزادة، ولكن هذا الطعام الزائد عن الحاجة، لا حاجة للإنسان به فهو لا يفيد عافيته.

ولابد من التأكيد هنا بأن مواد النوم المنوه عنها ليست أقراصاً للنوم، وإنما هي مواد داخلية المنشأ في الدماغ تجلب النوم. وفي جملة الأبحاث على النوم التي أجراها الدكتور جون بابنهايمر أنه حرم بعض المعز من النوم، فوجد أن ذلك الحرمان قد أوجد في السائل الدماغي النخاعي لديها مادة كانت مجهولة حتى ذلك الوقت أطلق عليها اسم عامل (factor-s) (s) وقد حقنت بهذه المادة فئران وأرانب مخبرية فنامت بسرعة. وفي أوائل الثمانينات إستطاع الباحثون في مختبر بابنها يمر عزل العامل

(s) من بول بشري، ولكنهم وجدوا أن 3000 ليتر من البول لا تنتج سوى 7 بالمليون من الغرام من هذا العامل. وقد يكون من الصعب تصديق أن هذه الكمية الضئيلة من العامل (s) هي من القوة بحيث كانت كافية لإنتاج خمسمائة جرعة. وقد حقنت بها أرانب مخبرية، فأدت كل جرعة إلى حدوث زيادة كبيرة لديها في مدة النوم المجرد من سرعة حركة الحدقة، بحيث أنها نامت مدة طويلة بلغت حتى ست ساعات. وقد تبين أن هذا النوم الزائد لم يكن مصطنعاً، بل كان نوماً طبيعياً. ومما يثير الإهتمام أن تأثير هذا العامل الطبيعي قد قورن بالتأثير الذي تحدثه أقراص النوم. فالأرانب التي استسلمت للنوم على أثر حفتها بعامل (s)، بخلاف ما يحدث عند جلب النوم بالأقراص المنومة، كان من السهل إيقاظها من نومها، حيث كانت تأكل وتتفلى أثناء يقظتها، ثم تعود إلى النوم الطويل. وقد قام جيم كروغر الأمريكي بإكمال ما بدأه بابنهايمر من أبحاث، فدل على أن عامل (s) المشار إليه هو

ببتيد موراميل

(muramyl peptide) وهو مادة تشبه إلى حد بعيد مواد جدران الخلية البكتيرية، مما حمل الباحثين في أول الأمر على الظن بأن عامل (s) لم يكن سوى نتاج بكتيريا كانت قد لوثت السائل الدماغي النخاعي والبول. غير أن البحث الذي أجراه كروغر وزملاؤه قد دل دلالة قوية على أن الدماغ قد أنتج هذه المادة كجزء من كيميائية حيوية.

ولقد قام العلماء بإنتاج ببتيد موراميل صناعياً. وبيَّن كروغر كيف أن أحد أنواع هذه المادة المصنَّعة، وهو دايبتيد موراميل، سبب حدوث مدة أطول من النوم المجرد من سرعة حدقة العين في الفئران والأرانب والقطط والقردة المخبرية. ولم تجرَّب هذه المادة المصنَّعة على الآدميين بعد. وقد لوحظ أن مادة كهذه لم تؤثر على الإيقاعات البيولوجية اليومية الأخرى في الجسم كدرجة الحرارة. وإنما اقتصر تأثيرها على حالتي النوم واليقظة.

لقد تبين أن لهذه المادة وظيفة أخرى، فهي تحرض الجملة الحصانية في الجسم.لما تبين أن فقدان النوم لا يلحق الضرر بالجملة الحصانية، ولا يحدث سوى تبدلات طفيفة على أشكال التجاوب.

إن العلائق بين النوم والجملة الحصانية ما تزال غامضة بعيدة عن الوضوح، وربما كانت علائق ظرفية عابرة. والمثال على ذلك أن هناك مراكز معينة للنوم في الدماغ، مثل مركز الوطىء أو تحت المهاد تؤثر أيضاً على الإستجابات الحصانية. وحدوث تلف في هذا المركز يسبب الأرق أو الإسراف في النوم تبعاً للمكان الذي يحدث فيه التلف.

إن للبَّحاثة اليابانيين في الوقت الراهن موقعاً مرموقاً في ميدان البحث عن مواد النوم. وقد تعرفوا إلى عدد من هذه المواد التي من أبرزها ما أطلق عليه إسم «المادة المنشئة للنوم» ومادة البروستا غلاندين والمادة المنشئة للنوم قريبة الشبه من حيث التركيب بعامل (s) وقد استخلصت من جذوع أدمغة الفئران المخبرية المحرومة من النوم، وهي مؤلفة من أربعة مكونات. وأبرز تلك المواد مادة اليوريدين، وهي التي تسبب استسلام تلك الحيوانات لنوم طويل. ولم يجرب أي من هذه المواد على الكائنات البشرية. إن تأثير تلك المواد جميعاً على حرارة الجسم لم يكشف بعد كشفاً تاماً ولو أن بعضها قد أوجد وضعاً محيِّراً مثل (dsip) الذي تبين أنه يخفض درجة حرارة الجسم لدى الحيوان إذا كان في بيئة باردة ولكن يرفعها في البيئة الحارة. ولا وجود حتى الآن لمادة مسببة للنوم بصورة شاملة لدى سائر المخلوقات، فهذه المادة لم تكتشف بعد. ولكن الشيء المعروف أن هناك مواد قوية التأثير في هذا المجال، وأخرى أضعف منها قوة، منها الأنسولين وبعض هورمونات الأحشاء. ومن يدري فلربما لم يكن أرسطو شديد البعد عن الحقيقة عندما قال: إن النوم ناشىء عن أبخرة متصاعدة من الأحشاء.





 

رد مع اقتباس