سارقُ حلوى العيد !

أكوام من فرح كنا نعلوها بفرح .. كل ليلة عيد
حينما كانت ملابسنا الجديدة تكاد تنفجر ناطقة أتركوني ..
على قدر ما نجربها وتارة نحتضنها وأخرى نقربها
ورابعة ننفضها وخامسة نعلقها ...حتى يغلبنا النوم ..فنتركها !
حينما كانت أجسادنا الصغيرة لا تخولنا للوصول لدرج الحلوياتإلا أن لا شيء يقف أمامنا
فنسارع لإحضار ما نصعد فوقه .. وما أروعه من نجاح ..
حينما تلوح أمامنا علبة حلوى العيد فنتسمر أمامها لحظات ..
يأسرنا المنظر
يااااه !جمال آخاذ ..ففي أعين الأطفال..لا جمال يفوق هذا الجمال
إلا اننا نتمالك أنفسنا ونتحلى بالشجاعة ..
لنخطف منها قطعة واحدة فقط ..نلتهمها بسرعة ..
حتى لا تدركنا أبصار الكبار
وما إن يبدأ ذلك المذاق بالتلاشي .. حتى نتوق لإعادة التجربة ..
فاللذّة لا تُقاوم !
إلا أن هناك صوت يتردد داخلي صوت مزعج يؤنبني ..
من صاحب الصوت وماذا يريد ..؟!
يردد كلاما يؤلمني ..أحاول أن لا أسمعه لكن لا أستطيع ..
أفٍ كم هو مزعج !
تلمح عيناي موقف..هناك من يحاول تكرار ما فعلت ..
سارق حلوى آخر .. يحاول خيانة ثقة أمي !
استهان بمراقبتها .. سأنهاه ..سأزجره !
لكن سأنبهه أولا .. فلذّة الحلوى .. تعقبها مرارة الندم !
سيسمع ذلك الصوت المزعج داخله ..كان لا يزال ينظر للحلوى بنهم ..حينما صرخت به
فلان ..مـاذا تفعل ..؟! سأخبر أمي !فبادلني الصراخ بالصراخ ..منزعجا أن قطعت
عليه لحظة زينها له الشيطان ..
فأصبحت من أجمل اللحظات في عينيه ..
سأخبر أمي أنك تحاول سرقة حلوى العيد ! < بكل غضب
فيرد بثقة .. لقد رأيتك قبلي تسرقين الحلوى ..
أسقط في يدي ..! لقد رآني سألتزم الصمت .. لأني لا أريد الفضيحة أمام أمي وأبي وبقية أخوتي !
لم أكد أرفع رأسي .. إلا والصدمة تحبس أنفاسي هاهي والدتي .. تقف أمامي .. كأنها علمت بما جرى
المسألة بنظرها ليست مسألة قطعة حلوى ...المسألة مسألة خيانة للثقة
استهانة بأوامرها ..ومراقبتها .. استباق للأحداث وسرقة ..
كانت قد أوكلت إلي أمر الإشراف على على درج الحلوى
وها أنا خنت ثقتها ..زيادة على ذلك الصوت المزعج داخلي ..
هاهي نظرة والدتي إلي ّ يملؤها مزيج من غضب وعتاب .. يااالله كم أشعر بالندم
حتى طعم الحلوى لم أعد أشعر به ..لقد تلاشى تماما !لا شيءسوى مرارة الندم
لم يبقى لي شيء ... تركتني والدتي أعاني من الندم ..وأشعر أنها تسمع ذلك الصوت داخلي
ليتها تضربني .. توبخني .. تعنفني ..ليتني أستطيع أن أعيد قطعة الحلوى
لكن هيهات هيهات !
لقد تعلمت درسا.. أبدا لن أنساه
لذّة سرقة حلوى العيد ومذاقها المميز ..لا تستحق ما نعانيهبعدها من مرارة الندم وحسرته
سأصبر ولن يغريني جمالها منظرها وحلاوة مخبرها ..
لأن أمي ستقدمها لي في وقتها المناسب ..حينها سآكل الحلوى
دون خوف من أحد .. فهي ملكي .. أبدا لن يخدعني الشيطان ويزينالقبيح في نظري
سأرى كل فعلٍ قبيح على حقيقته .. حتى لا أخدع مرة أخرى ..:
لا أظن أن سلسة الإغواء وتزيين المعاصي ستقف .. فلقد بدأت القصة منذ عهد بعيد
حينما زين الشيطان لأدم الأكل من الشجرة وفعل !
أخذ على نفسه عهدا أن يضلنا ويغوينا ... ونجح كثيرا
لكن الغلبة لرحمة الله .. وسعة فضله ..متى ما عدنا إليه وأنبنا !
يقول الله عز وجل : {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } العلق14.
ويقول : { وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً } [الإسراء:17]
وأيضا : { وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [البقرة: 74 ] .
وقال صلى الله عليه وسلم :" لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثوراً،" قال ثوبان : يا رسول الله صِفهم لنا جَلِّهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم،قال :" أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ،ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها !!
إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها !
يارب لا تجعلنا منهم ..يارب
"
كل عام وأنتم للأمة أملاً جديدا ..
كل عام وأنتم أرقى بطاعة الله والبعد عن معاصيه
كم عام وانتم بصحة وسلامة وعافية ..
كل عام وأمانيكم محققة ودعواتكم مستجابة ..كل عام وانتم لله أقرب ..