كانت تقف موجهةً له ظهرها تحت الصفصافة الكبيرة ,بإمكانه التعرف عليها من بعيد بلون معطفها الأزرق الذي تلبسه حين يكون مزاجها صحوًا , تحب كثيرًا هذه البقعة من الحديقة , كثير من الطيور تجتمع على أغصان الشجرة الوارفة قبيل الغروب ,تضج بالتسبيح ترتيلًا , يختلط نغمها مع حفيف الشجر تحت تأثير الريح الخفيف ذلك المساء , فيبدو اتحاد أصواتها متناغمًا كنتاج فرقة عزف يجمعها نفس الوثاق مع ذات المعزوفة , ,, كانت تحدّق إلى الأعلى تغمرها متعة ذاك الشجن المتبادل وقد انسدل شعرها يلامس حقيبتها الرمادية الموازية لخصرها ,لم تلتفت هذه المرة لوقع أقدامه على الأوراق المتساقطة منذ زمن مهشمةً إياها في طريقها , كانت تعلم أن قدومه هذه المرة لم يكن لفتح مذكرة صغيرة وكتابة قصة جميلة بنهاية سعيدة تبدأ بـ ذات مساء , لكنّها ابتسمت بسعادة ,أن يكن هنا حولها يكفي لتورق أيامها من جديد .
طارت الطيور فوجًا واحدا بنغمٍ متناسقٍ عذب , لتبتعد هي معها بهدوءٍ كما ابتعد .