الامير
08-25-2007, 01:19 AM
د. كمال بن محمد الصبحي
ذكرت جريدة “المدينة” أن أسعار المواد الغذائية قد زادت بنسب عالية خلال الفترة الأخيرة. ولذلك نقترح أن تطور الدولة السنية صيغة لمواجهة بعض التجار الذين تهمهم مصالحهم الشخصية وأرباحهم ولو على حساب مجتمعنا. إن مسألة أن المواد الغذائية ارتفعت قيمتها لأن الريال مرتبط بالدولار، وأن الدولار انخفضت قيمته مقارنة باليورو هي مسألة ترسل رسائل خاطئة لبعض تجارنا من ذوي العقليات الجشعة، وهي تساعدهم على رفع الأسعار كما يلي:
مثال (1) لو افترضنا أن سعر علبة الحليب الجاف 40 ريالاً. وأن اليورو ارتفع والدولار انخفض، فإن بعض تجارنا سيعملون على زيادة سعر الحليب بدعوى أنه يدخل عليهم بسعر عالٍ، أي سيزيدونه بمقدار 40 في المائة. أي أن سعر الحليب يصبح 44ريالاً. بعد شهر يرتفع الدولار مقارنة باليورو، فهل سيعود التجار إلى السعر القديم، أي 40 ريالاً ؟! بطبيعة الحال ومن واقع خبرة، الجواب: لا.
وهكذا ينتظرون انخفاض الدولار وارتفاع اليورو، ثم يزيدون السعر بنسبة 10 أو 20 في المائة. وحينما يحصل ارتفاع الدولار لا يعودون إلى السعر القديم، حتى يصلوا بالسعر إلى 60 ثم 70 ثم 100 ريال.
هذا بالتأكيد ما حصل خلال الفترة الماضية، فسعر الحليب الجاف مقاس كبير كان40 ريالاً قبل نحو سنة، واليوم هو في حدود الـ 60 ريالاً. نحن هنا في ورطة إزاء هذا الأمر، فمجتمعنا سيعود فقيراً، ولن تستطع الرواتب مهما علت أن تغطي التكاليف.
مثال 2 وقد يكون في الأمر رغبة في الكسب لدى بعض الشركات الدولية المتخصصة في المواد الغذائية لزيادة أرباحها ونهب مداخيلنا. أذهب شخصياً مع عائلتي إلى مطعم (بيتزاهت)، فأدفع لإطعامهم وشرابهم نحو 120 ريالاً، بينما عندما سافرت مصر دفعت لنفس الوجبة 40 ريالاً (يعني السعر في السعودية هو 3 أضعاف). قد يقول قائل: هذا لأن مستوى المعيشة والدخل في السعودية مرتفع مقارنة مع مصر!!
أقول: ليس ذلك صحيحاً. اذهب إلى شركات الطرود الأمريكية السريعة في السعودية وأرسل طرداً إلى أمريكا، فسوف تجد أن سعر إرساله من السعودية إلى أمريكا أعلى بكثير (الضعف إلى 3 أضعاف) من سعر إرساله من أمريكا إلى السعودية، فهل مستوى المعيشة في السعودية أعلى أيضاً من أمريكا، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟!ولو تتبعنا ما حصل بعد زيادة الملك - يحفظه الله- للرواتب بنسبة 15%، لوجدنا أنه حتى سعر زيت السيارات ارتفع في نفس الأسبوع، وكأنهم حاضرون ليزيدوا أسعارها، ويمتصوا كل زيادة تأتي مساعدة للشعب السعودي على مواجهة متطلبات الحياة!! إن التجار الجشعين وشركات الغذاء الدولية وغيرها سيتبعون نفس الأسلوب لكي يبقى الحليب عند مستوى 60 ثم 70 ثم100 ريال، بدعوى أن الشعب السعودي لديه دخل أكبر من كل دول العالم، بينما لدينا نسبة فقر لا تخفى على أحد. ثم ألا ترى أن الناس يشتكون من غلاء أسعار المواد الغذائية حتى نسمح بهذا المنطق أن يستمر؟!
اقتراحات
1- يمكن للدولة أو (المجتمع المدني) أن توجد شريكاً استراتيجياً لها في المواد الغذائية التي تعكس احتياجات المجتمع السعودي، وبمستويات مختلفة من خلال جمعيات تعاونية غير ربحية، نسمّيها مثلاً (الجمعية السعودية التعاونية)، وأن يكون هذا الشريك الاستراتيجي (القادر على الاستيراد) ، (التحكم في السوق) هو مرجع السوق من خلال أسعاره المعقولة والمناسبة لكل الأذواق والمستويات.
لقد لاحظت ذلك أثناء زياراتي المتكررة لأبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث توجد جمعية أبو ظبي التعاونية، المدعومة بقوة غير طبيعية من الدولة. وبذلك يتم منع المنافسين (الجشعين) من زيادة أسعارهم، حتى لا يتجه المستهلك لمنتجات الشريك الاستراتيجي.
2- يمكن لـ(الجمعية السعودية التعاونية) المقترحة هنا و(جمعية حماية المستهلك) التي اقترحناها في الاقتصادية من 10 سنوات، (وزارة التجارة) أن تسمح فقط بزيادة 2 في المائة سنوياً في سعر المواد الغذائية تعكس زيادة التضخم.
3- يمكن أيضاً إيجاد حلول لمسألة احتكار السوق، ومعاقبة من يثبت احتكاره للسوق ورفع الأسعار،
4- يمكن القيام بمنع دائم أو محدود بمدة معينة للشركات الأجنبية التي تتلاعب بالأسعار من دخول السوق المحلية،
* أستاذ جامعي سابق واستشاري في التطوير حالياً
ذكرت جريدة “المدينة” أن أسعار المواد الغذائية قد زادت بنسب عالية خلال الفترة الأخيرة. ولذلك نقترح أن تطور الدولة السنية صيغة لمواجهة بعض التجار الذين تهمهم مصالحهم الشخصية وأرباحهم ولو على حساب مجتمعنا. إن مسألة أن المواد الغذائية ارتفعت قيمتها لأن الريال مرتبط بالدولار، وأن الدولار انخفضت قيمته مقارنة باليورو هي مسألة ترسل رسائل خاطئة لبعض تجارنا من ذوي العقليات الجشعة، وهي تساعدهم على رفع الأسعار كما يلي:
مثال (1) لو افترضنا أن سعر علبة الحليب الجاف 40 ريالاً. وأن اليورو ارتفع والدولار انخفض، فإن بعض تجارنا سيعملون على زيادة سعر الحليب بدعوى أنه يدخل عليهم بسعر عالٍ، أي سيزيدونه بمقدار 40 في المائة. أي أن سعر الحليب يصبح 44ريالاً. بعد شهر يرتفع الدولار مقارنة باليورو، فهل سيعود التجار إلى السعر القديم، أي 40 ريالاً ؟! بطبيعة الحال ومن واقع خبرة، الجواب: لا.
وهكذا ينتظرون انخفاض الدولار وارتفاع اليورو، ثم يزيدون السعر بنسبة 10 أو 20 في المائة. وحينما يحصل ارتفاع الدولار لا يعودون إلى السعر القديم، حتى يصلوا بالسعر إلى 60 ثم 70 ثم 100 ريال.
هذا بالتأكيد ما حصل خلال الفترة الماضية، فسعر الحليب الجاف مقاس كبير كان40 ريالاً قبل نحو سنة، واليوم هو في حدود الـ 60 ريالاً. نحن هنا في ورطة إزاء هذا الأمر، فمجتمعنا سيعود فقيراً، ولن تستطع الرواتب مهما علت أن تغطي التكاليف.
مثال 2 وقد يكون في الأمر رغبة في الكسب لدى بعض الشركات الدولية المتخصصة في المواد الغذائية لزيادة أرباحها ونهب مداخيلنا. أذهب شخصياً مع عائلتي إلى مطعم (بيتزاهت)، فأدفع لإطعامهم وشرابهم نحو 120 ريالاً، بينما عندما سافرت مصر دفعت لنفس الوجبة 40 ريالاً (يعني السعر في السعودية هو 3 أضعاف). قد يقول قائل: هذا لأن مستوى المعيشة والدخل في السعودية مرتفع مقارنة مع مصر!!
أقول: ليس ذلك صحيحاً. اذهب إلى شركات الطرود الأمريكية السريعة في السعودية وأرسل طرداً إلى أمريكا، فسوف تجد أن سعر إرساله من السعودية إلى أمريكا أعلى بكثير (الضعف إلى 3 أضعاف) من سعر إرساله من أمريكا إلى السعودية، فهل مستوى المعيشة في السعودية أعلى أيضاً من أمريكا، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟!ولو تتبعنا ما حصل بعد زيادة الملك - يحفظه الله- للرواتب بنسبة 15%، لوجدنا أنه حتى سعر زيت السيارات ارتفع في نفس الأسبوع، وكأنهم حاضرون ليزيدوا أسعارها، ويمتصوا كل زيادة تأتي مساعدة للشعب السعودي على مواجهة متطلبات الحياة!! إن التجار الجشعين وشركات الغذاء الدولية وغيرها سيتبعون نفس الأسلوب لكي يبقى الحليب عند مستوى 60 ثم 70 ثم100 ريال، بدعوى أن الشعب السعودي لديه دخل أكبر من كل دول العالم، بينما لدينا نسبة فقر لا تخفى على أحد. ثم ألا ترى أن الناس يشتكون من غلاء أسعار المواد الغذائية حتى نسمح بهذا المنطق أن يستمر؟!
اقتراحات
1- يمكن للدولة أو (المجتمع المدني) أن توجد شريكاً استراتيجياً لها في المواد الغذائية التي تعكس احتياجات المجتمع السعودي، وبمستويات مختلفة من خلال جمعيات تعاونية غير ربحية، نسمّيها مثلاً (الجمعية السعودية التعاونية)، وأن يكون هذا الشريك الاستراتيجي (القادر على الاستيراد) ، (التحكم في السوق) هو مرجع السوق من خلال أسعاره المعقولة والمناسبة لكل الأذواق والمستويات.
لقد لاحظت ذلك أثناء زياراتي المتكررة لأبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث توجد جمعية أبو ظبي التعاونية، المدعومة بقوة غير طبيعية من الدولة. وبذلك يتم منع المنافسين (الجشعين) من زيادة أسعارهم، حتى لا يتجه المستهلك لمنتجات الشريك الاستراتيجي.
2- يمكن لـ(الجمعية السعودية التعاونية) المقترحة هنا و(جمعية حماية المستهلك) التي اقترحناها في الاقتصادية من 10 سنوات، (وزارة التجارة) أن تسمح فقط بزيادة 2 في المائة سنوياً في سعر المواد الغذائية تعكس زيادة التضخم.
3- يمكن أيضاً إيجاد حلول لمسألة احتكار السوق، ومعاقبة من يثبت احتكاره للسوق ورفع الأسعار،
4- يمكن القيام بمنع دائم أو محدود بمدة معينة للشركات الأجنبية التي تتلاعب بالأسعار من دخول السوق المحلية،
* أستاذ جامعي سابق واستشاري في التطوير حالياً